16 فبراير، 2010

&عيد الحــــب&


القديس فالنتين:


عيد الحب أو عيد العشاق أو "يوم القديس فالنتين" مناسبة يحتفل بها الكثير من الناس في كل أنحاء العالم في الرابع عشر من شهر فبراير من كل عام. وفي البلدان الناطقة باللغة الانجليزية، يعتبر هذا هو اليوم التقليدي الذي يعبر فيه المحبون عن حبهم لبعضهم البعض عن طريق إرسال بطاقات عيد الحب أو إهداء الزهور أو الحلوى لأحبائهم. وتحمل العطلة اسم اثنين من (الشهداء) المتعددين للمسيحية في بداية ظهورها، والذين كانا يحملان اسم فالنتين. بعد ذلك، أصبح هذا اليوم مرتبطًا بمفهوم الحب الرومانسي الذي أبدع في التعبير عنه الأديب الانجليزي جيفري تشوسر في أوج العصور الوسطى التي ازدهر فيها الحب الغزلي. ويرتبط هذا اليوم أشد الارتباط بتبادل رسائل الحب الموجزة التي تأخذ شكل "بطاقات عيد الحب". وتتضمن رموز الاحتفال بعيد الحب في العصر الحديث رسومات على شكل قلب وطيور الحمام وكيوبيد ملاك الحب ذي الجناحين. ومنذ القرن التاسع عشر، تراجعت الرسائل المكتوبة بخط اليد لتحل محلها بطاقات المعايدة التي يتم طرحها بأعداد كبيرة وقد كان تبادل بطاقات عيد الحب في بريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر إحدى الصيحات التي انتشرت آنذاك. أما في عام 1847، فقد بدأت استر هاولاند نشاطًا تجاريًا ناجحًا في منزلها الموجود في مدينة ووستر في ولاية ماسشوسيتس؛ فقد صممت بطاقات لعيد الحب مستوحاة من نماذج انجليزية للبطاقات. كان انتشار بطاقات عيد الحب في القرن التاسع عشر في أمريكا - التي أصبحت فيها الآن بطاقات عيد الحب مجرد بطاقات للمعايدة وليست تصريحًا بالحب - مؤشرًا لما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك عندما بدأ تحويل مثل هذه المناسبة إلى نشاط تجاري يمكن التربح من ورائه وتشير الإحصائيات التي قامت بها الرابطة التجارية لناشري بطاقات المعايدة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن عدد بطاقات عيد الحب التي يتم تداولها في كل أنحاء العالم في كل عام يبلغ بليون بطاقة تقريبًا، وهو ما يجعل يوم عيد الحب يأتي في المرتبة الثانية من حيث كثرة عدد بطاقات المعايدة التي يتم إرسالها فيه بعد عيد الميلاد. كما توضح الإحصائيات التي صدرت عن هذه الرابطة أن الرجال ينفقون في المتوسط ضعف ما تنفقه النساء على هذه البطاقات في الولايات المتحدة الأمريكية.

تقاليد الاحتفال بعيد الحب:

 لى الرغم من وجود مصادر حديثة شائعة تربط بين عطلات شهر فبراير غير المحددة في العصر الإغريقي الروماني - والتي يزعم عنها الارتباط بالخصوبة والحب - وبين الاحتفال بيوم القديس فالنتين، فإن البروفيسور جاك بي أوريوتش من جامعة كانساس ذكر في دراسته التي التي أجراها حول هذا الموضوع [6] أنه قبل عصر تشوسر لم تكن هناك أية صلة بين القديسين الذين كانوا يحملون اسم فالنتينوس وبين الحب الرومانسي. وفي التقويم الأثيني القديم، كان يطلق على الفترة ما بين منتصف يناير ومنتصف فبراير اسم "شهر جامليون" نسبةً إلى الزواجزوس وهيرا. وفي روما القديمة، كان لوبركايلي من الطقوس الدينية التي ترتبط بالخصوبة، وكان الاحتفال بمراسمه يبدأ في اليوم الثالث عشر من شهر فبراير ويمتد حتى اليوم الخامس عشر من نفس الشهر. ويعتبر لوبركايلي أحد المهرجانات المحلية الخاصة التي كان يُحتفل بها في مدينة روما. أما الاحتفال الأكثر عمومية والذي كان يطلق عليه اسم "جونو فيبروا" والذي يعني "جونو المطهر" أو "جونو العفيف"، فقد كان يتم الاحتفال به يومي الثالث عشر والرابع عشر من شهر فبراير. وقد قام البابا جيلاسيوس الأول (الذي تولى السلطة البابوية بين عامي 492 و496) بإلغاء احتفال لوبركايلي. ومن الآراء الشائعة أن قرار الكنيسة المسيحية بالاحتفال بالعيد الديني للقديس فالنتين في منتصف شهر فبراير قد يعبر عن محاولتها تنصير احتفالات لوبركايلي الوثنية. لم تستطع الكنيسة الكاثوليكية أن تمحو احتفال لوبركايلي شديد الرسوخ في وجدان الناس فقررت أن تخصص يومًا لتكريم السيدة مريم العذراء المقدس الذي تم بين

طيور الحب في قصائد تشوسر:

بالرغم من أن البعض يزعم أن أول ارتباط تم تسجيله لعيد الحب بمفهوم الحب الرومانسي قد ورد في قصيدة Parlement of Foulsجيفري تشوسر في عام 1382،[8] فربما يكون هذا الأمر ناتج عن إساءة في التفسير. فقد كتب تشوسر: التي كتبها
وفي يوم عيد القديس فالنتين
حين يأتي كل طائر بحثًا عن وليف له

كتب تشوسر هذه القصيدة تكريمًا لريتشارد الثاني ملك انجلترا في عيد خطوبته الأول على آن حاكمة مملكة بوهيميا. Henry Ansgar Kelly, Valentine's Day / UCLA Spotlight. وقد تم توقيع معاهدة هذا الزواج في الثاني من مايو عام 1381. Chaucer: The Parliament of Fowls.(حيث تم الزواج الفعلي بعد ذلك بثمانية أشهر؛ عندما بلغ الملك في الثالثة عشر أو الرابعة عشر من عمره بينما كانت الملكة في الرابعة عشر من عمرها.) وافترض قرّاء القصيدة على سبيل الخطأ أن تشوسر كان يشير إلى الرابع عشر من فبراير باعتباره يوم عيد الحب. وعلى أي حال، يعتبر منتصف شهر فبراير من الأوقات التي لا يحتمل أن يتم فيها تزاوج بين الطيور في انجلترا. وقد أوضح هنري انسجار كيلي في [9] أن التقويم المرتبط بالطقوس الدينية يعتبر أن الثاني من مايو هو واحد من أيام القديسين ويخص الاحتفال بالقديس فالنتين الذي كان يعيش في مدينة جنوا الإيطالية.وقد كان القديس فالنتين من أوائل من تولوا منصب أسقف جنوا. وقد توفي تقريبًا في عام 307 بعد الميلاد.[10] وبالرغم من أن قصيدة تشوسر - Parliament of Fouls - تدور في سياق خيالي لتقليد قديم، فإن هذا التقليد لم يكن موجودًا في حقيقة الأمر قبل عصر تشوسر.تمتد أصول التفسير الاجتهادي للتقاليد العاطفية، والتي يتم التعبير عنها في سياق أدبي تظهر فيه كحقائق ثابتة، إلى المهتمين بجمع الأعمال الأدبية النادرة في القرن الثامن عشر. ومن أبرز الشخصيات التي يظهر في أعمالها هذا الأسلوب آلبان باتلر؛ صاحب كتاب Butler's Lives of Saints. وهو الأسلوب الذي استمر حتى العصر الحديث من خلال انتهاج دارسين كبار له. ويوضح [11] أبرز هذه الأفكار المغلوطة كالتالي: "تم الترويج لفكرة أن العادات المرتبطة بعيد الحب تخلد احتفال لوبركايلي الروماني بشكل متكرر لا أساس له من الصحة وبصور متنوعة حتى وقتنا هذا.



"


أعياد مشابهة لعيد الحب

لعيد الحب تقاليده الإقليمية الخاصة به في المملكة المتحدة. ففي منطقة نورفك، هناك شخصية اسمها "جاك" فالنتين تطرق الأبواب الخلفية للمنازل لتترك الحلوى والهدايا للأطفال. وبالرغم من قيامه بإهدائهم ما يدخل البهجة على نفوسهم، فإن الأطفال كانوا يخافون من هذه الشخصية الغامضة.أما في ويلز، فيحتفل الكثير من الناس باليوم الذي يطلقون عليه اسم Dydd Santes Dwynwen أو يوم القديس دواينوين في الخامس والعشرين من شهر يناير بدلاً من - أو بالإضافة إلى - يوم القديس فالنتين.ويخلد هذا اليوم ذكرى القديس دواينوين وهو القديس الذي كان يشمل العشاق في ويلز برعايته. وفي فرنسا التي تعتبر دولة كاثوليكية تقليدية، يطلقون على يوم عيد الحب اسم Saint Valentin، ويحتفلون به بطريقة تماثل إلى حد كبير الطريقة التي يتم بها الاحتفال به في بقية البلدان الغربية. أما في أسبانيا، فيعرف يوم عيد الحب باسم San Valentin. ويحتفل به الناس بالطريقة نفسها التي تتم في المملكة المتحدة، على الرغم من أن سكان منطقة كاتالونيا يستبدلونه في معظم الأحيان بمهرجانات مشابهة يتبادلون فيها الزهور و/أو الكتب في اليوم الذي يطلقون عليه اسم La Diada de Sant Jordi أو (يوم القديس جورج). وفي البرتغال، من الشائع إطلاق اسم "Dia dos Namorados" على هذا اليوم؛ والذي يعني (يوم العشاق). وفي الدانمارك والنرويج، يُعرف يوم عيد الحب (الذي يتم الاحتفال به في الرابع عشر من شهر فبراير) باسم Valentinsdag.ولا يتم هناك الاحتفال بهذا اليوم على نطاق واسع، ولكن ينتهز الكثير من الناس الفرصة في هذا اليوم لتناول عشاء رومانسي مع شركاء حياتهم أو لإرسال بطاقات حب إلى أحبائهم في السر أو لإهدائهم زهور حمراء. أما في السويد، فيطلق على هذا اليوم اسم Alla hjärtans dag ؛ بمعنى ("يوم كل القلوب"). وهو اليوم الذي بدأ الاحتفال به في الستينات من هذا القرن المهتمون بالترويج تجاريًا لصناعة الزهور، كما جاء الاحتفال بهذا اليوم أيضًا نتيجةً للتأثر بالثقافة الأمريكية.وهذا اليوم ليس عطلة رسمية في السويد، وبالرغم من ذلك فإن الناس يهتمون بالاحتفال به ولا يفوق حجم مبيعات أدوات التجميل والزهور في هذه العطلة سوى حجم مبيعاتهم في يوم عيد الأم. أما في فنلندا، فيطلق على هذا اليوم اسم Ystävänpäivä ؛ وترجمة هذا الاسم هي "يوم الصديق". وكما يشير الاسم، يرتبط هذا اليوم بتذكر الإنسان لكل أصدقائه وليس فقط لمن يرتبط معه بعلاقة حب. أما في دولة استونيا، يطلق على يوم عيد الحب اسم Sõbrapäev، ويحمل الاسم معنى مشابه للمعنى السابق. وفي سلوفينيا، هناك مثل سائر يقول بإن "يوم القديس فالنتين يأتي حاملاً معه تباشير الخير والنماء"؛ ولهذا فإن المزروعات والزهور تبدأ في النمو والازدهار في الرابع عشر من شهر فبراير.ويتم الاحتفال بعيد الحب لأنه اليوم الذي يبدأ فيه العمل في حقول الكروم وفي المزارع.ويُقال أيضًا إن الطيور تتودد إلى بعضها البعض أو تتزاوج في هذا اليوم. ومع ذلك، فلم يتم الاحتفال بهذا اليوم كيوم يتم فيه الاحتفاء بمفهوم الحب إلا في الآونة الأخيرة.ويعتبر اليوم التقليدي للاحتفال بالحب هناك هو الثاني عشر من شهر مارس؛ ويطلق عليه اسم يوم القديس جريجوري.وهناك مثل آخر يقول "Valentin - prvi spomladin ؛ ومعناه "القديس فالنتين هو أول من بشر بميلاد الربيع" حيث إنه في بعض الأماكن (خاصةً في منطقة وايت كارنيول) يعتبر يوم القديس فالنتين هو بداية فصل الربيع. وفي رومانيا، يعتبر العيد التقليدي للمحبين هو Dragobete وهو اليوم الذي يتم الاحتفال به في الرابع والعشرين من شهر فبراير. وقد تم إطلاق هذا الاسم عليه نسبةً إلى إحدى الشخصيات التي ورد ذكرها في الفولكلور الروماني ويفترض أنه ابن Baba Dochia (ابن الشهيد ايفدوكيا الذي ورد ذكره في التقويم البيزنطي). أما مقطع الاسم drag فيعني ("عزيزي"). ويمكن أن نجد هذا المقطع أيضًا في كلمة dragoste والتي تعني ("حب").وفي السنوات الأخيرة، بدأت رومانيا أيضًا تحتفل بعيد الحب بالرغم من أنها كانت تحتفل بالفعل بيوم Dragobete بوصفه واحدًا من عطلاتها التقليدية. وقد أسفر هذا الاحتفال الجديد عن ظهور رد فعل سلبي قوي من قبل العديد من الجماعات والأفراد ذائعي الصيت والمؤسسات [18] وكذلك من الهيئات القومية مثل Noua Dreaptǎ، التي أدانت الاحتفال بعيد الحب بوصفه احتفالاً سطحيًا يخدم أغراضًا تجارية وكذلك لأنه نتاج ثقافة دون المستوى تم استيرادها من الغرب. أما في تركيا، فيطلق على عيد الحب اسم Sevgililer günü ؛ وترجمة هذا الاسم تعني "يوم الأحباء". وحسب التقاليد اليهودية، يكون يوم الخامس عشر من شهر Av ـAv Tu B'Av (ذلك اليوم الذي يأتي عادةً في أواخر شهر أغسطس)، ويعتبر مهرجانًا للاحتفال بالحب. وفي العصور القديمة، كانت الفتيات في هذا اليوم يرتدين أثوابًا بيضاء ويرقصن في مزارع الكروم حيث ينتظرهن الفتيان (وذلك كما ورد فيMishna Taanith end of Chapter 4).وفي الثقافة الإسرائيلية الحديثة، يعتبر هذا اليوم هو اليوم التقليدي الذي يتم فيه التصريح بالحب للحبيب والتقدم للزواج وتبادل الهدايا مثل بطاقات






السعودية وعيد الحب:
فتى الشيخ محمد بن صالح العثيمين في 5/11/1420 هـ ب"عدم جواز الاحتفال بعيد الحب" قائلا "انه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة, ولأنّه يدعو إلى اشتغال القلب بالأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح فلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد سواء كان في المآكل أو المشارب أو الملابس أو التهادي أو غير ذلك وعلى المسلم أن يكون عزيزاً بدينه وأن لا يكون إمّعة يتبع كل ناعق". وأفتى الدكتور عبد العظيم المطعني عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في القاهرة وأستاذ الدراسات العليا في جامعة الازهر بالاباحة قائلا "ان تخصيص ايام بعينها للاحتفال بها من أجل توثيق العلاقات الاجتماعية بين الناس مثل عيد الحب مباحة ويجوز حضور الاحتفالات التي تقام من اجل ذلك بشرط الا نعتقد انها من شعائر الدين ولا نقوم فيها بما يؤدي إلى ارتكاب الاثم وان تكون طريقا لارضاء الله عز وجل بشكر نعمه وتقدير منحه والاعتراف بفضله وجميله على خلقه وعباده، وفي حدود ما احل شرع الله عز وجل واباحه ومتى كان الاحتفاء بها كذلك خاليا تماما من الهرج والمرج والرقص واللهو والخلو والاختلاط والبدع والخرافات وسائر المحرمات والمحظورات، وكل ما يؤدي إلى الفساد، متى كان ذلك يباح حضورها ويجوز احياؤها والمشاركة فيها مجاملة وكرباط وود وحسن علاقة وكريم صلة على منهج الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم".[23] وفي الأعوام الأخيرة منعت "الشرطة الدينية" أو ما تسمى هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية المحال التجارية من ابراز أي مظهر من مظاهر الاحتفاء بعيد الحب.

15 فبراير، 2010

مصطفى محمــــود

مصطفى محمود


بسم الله الرحمن الرحيم

( انما يخشى الله من عباده

العلماء



(يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات  )




مصطفى محمود (27 ديسمبر 1921 - 31 أكتوبر 2009)، مفكر وطبيب وكاتب وأديب مصري. هو مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ، من الأشراف وينتهي نسبه إلى علي زين العابدين. وكان توأما لأخ توفي في نفس عام مولده. توفي والده عام 1939 بعد سنوات من الشلل، درس الطب وتخرج عام 1953 وتخصَّص في الأمراض الصدرية ،ولكنه تفرغ للكتابة والبحث عام 1960 تزوج عام 1961 وانتهى الزواج بالطلاق عام 1973 رزق بولدين "أمل" و"أدهم". تزوج ثانية عام 1983 من السيدة زينب حمدى وانتهى هذا الزواج أيضا بالطلاق عام 1987.[1]
ألف 89 كتابا منها الكتب العلمية والدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية إضافة الحكايات والمسرحيات وقصص الرحلات، ويتميز أسلوبه بالجاذبية مع العمق والبساطة.
قدم الدكتور مصطفى محمود 400 حلقة من برنامجه التلفزيوني الشهير (العلم والإيمان) وأنشأ عام 1979 مسجده في القاهرة المعروف بـ "مسجد مصطفى محمود" ويتبع له ثلاثة ‏مراكز‏ ‏طبية‏ تهتم بعلاج ذوي الدخل المحدود ويقصدها الكثير من أبناء مصر نظرا لسمعتها الطبية، ‏وشكل‏ ‏قوافل‏ ‏للرحمة‏ ‏من‏ ستة عشر ‏طبيبًا‏، ‏ويضم المركز‏ أربعة ‏مراصد‏ ‏فلكية‏، ‏ومتحفا ‏للجيولوجيا‏، يقوم عليه أساتذة متخصصون. ‏ويضم‏ ‏المتحف‏ ‏مجموعة‏ ‏من‏ ‏الصخور‏ ‏الجرانيتية،‏ ‏والفراشات‏ ‏المحنطة‏ ‏بأشكالها‏ ‏المتنوعة‏ ‏وبعض ‏الكائنات‏ ‏البحرية‏، والاسم الصحيح للمسجد هو "محمود" وقد سماه باسم والده.


تاريخه الفكري

في أوائل القرن الفائت كان الإلحاد هو التيار الأوسع انتشارا, تلك الفترة التي ظهر فيها مقال لماذا أنا ملحد؟ لـإسماعيل أدهم وأصدر طه حسين كتابه في الشعر الجاهلي، وخاض نجيب محفوظ أولى تجارب المعاناة الدينية والظمأ الروحي.. كان "مصطفى محمود" وقتها بعيدا عن الأضواء لكنه لم يكن بعيدا عن الموجة السائدة وقتها, تلك الموجة التي أدت به إلى أن يدخل في مراهنة عمره التي لا تزال تثير الجدل حتى الآن.

بداياته

عاش مصطفى محمود في مدينة طنطا بجوار مسجد "السيد البدوي" الشهير الذي يعد أحد مزارات الصوفية الشهيرة في مصر؛ مما ترك أثره الواضح على أفكاره وتوجهاته.
بدأ حياته متفوقًا في الدراسة، حتى ضربه مدرس اللغة العربية؛ فغضب وانقطع عن الدراسة مدة ثلاث سنوات إلى أن انتقل هذا المدرس إلى مدرسة أخرى فعاد مصطفى محمود لمتابعة الدراسة.وفي منزل والده أنشأ معملاً صغيرًا يصنع فيه الصابون والمبيدات الحشرية ليقتل بها الحشرات، ثم يقوم بتشريحها، وحين التحق بكلية الطب اشتُهر بـ"المشرحجي"، نظرًا لوقوفه طول اليوم أمام أجساد الموتى، طارحًا التساؤلات حول سر الحياة والموت وما بعدهما.

اتهامات واعترافات

نذكر هنا أن مصطفى محمود كثيرا ما اتهم بأنَّ أفكاره وآراءه السياسية متضاربة إلى حد التناقض؛ إلا أنه لا يرى ذلك، ويؤكد أنّه ليس في موضع اتهام، وأنّ اعترافه بأنّه كان على غير صواب في بعض مراحل حياته هو درب من دروب الشجاعة والقدرة على نقد الذات، وهذا شيء يفتقر إليه الكثيرون ممن يصابون بالجحود والغرور، مما يصل بهم إلى عدم القدرة على مواجهة أنفسهم والاعتراف بأخطائهم,

مصطفى محمود والوجودية

يتزايد التيار المادي في الستينات وتظهر الفلسفة الوجودية، لم يكن (مصطفى محمود) بعيدا عن ذلك التيار الذي أحاطه بقوة، يقول عن ذلك: "احتاج الأمر إلى ثلاثين سنة من الغرق في الكتب، وآلاف الليالي من الخلوة والتأمل مع النفس، وتقليب الفكر على كل وجه لأقطع الطرق الشائكة، من الله والإنسان إلى لغز الحياة والموت، إلى ما أكتب اليوم على درب اليقين" ثلاثون عاما من المعاناة والشك والنفي والإثبات، ثلاثون عاما من البحث عن الله!، قرأ وقتها عن البوذية والبراهمية والزرادشيتة ومارس تصوف الهندوس القائم عن وحدة الوجود حيث الخالق هو المخلوق والرب هو الكون في حد ذاته وهو الطاقة الباطنة في جميع المخلوقات. الثابت أنه في فترة شكه لم يلحد فهو لم ينفِ وجود الله بشكل مطلق؛ ولكنه كان عاجزا عن إدراكه، كان عاجزا عن التعرف على التصور الصحيح لله, هل هو الأقانيم الثلاثة أم يهوه أو (كالي) أم أم أم.... !
لاشك أن هذه التجربة صهرته بقوة وصنعت منه مفكرا دينيا خلاقا, لم يكن (مصطفى محمود) هو أول من دخل في هذه التجربة, فعلها الجاحظ قبل ذلك, فعلها حجة الإسلام أبو حامد الغزالي, فعلها ديكارت تلك المحنة الروحية التي يمر بها كل مفكر باحث عن الحقيقة, ان كان الغزالي ظل في محنته 6 أشهر فان مصطفى محمود قضى ثلاثين عاما !
ثلاثون عاما أنهاها بأروع كتبه وأعمقها (حوار مع صديقي الملحد), (رحلتي من الشك إلى الإيمان), (التوراة), (لغز الموت), (لغز الحياة), وغيرها من الكتب شديدة العمق في هذه المنطقة الشائكة..المراهنة الكبرى التي خاضها لا تزال تلقى بآثارها عليه حتى الآن كما سنرى لاحقا.
ومثلما كان الغزالي كان مصطفى محمود؛ الغزالي حكى عن الإلهام الباطنى الذي أنقذه بينما صاحبنا اعتمد على الفطرة، حيث الله فطرة في كل بشري وبديهة لا تنكر, يقترب في تلك النظرية كثيرا من نظرية (الوعي الكوني) للعقاد. اشترى قطعة أرض من عائد أول كتبه (المستحيل)، وأنشأ به جامع مصطفى محمود به 3 مراكز طبية ومستشفى وأربع مراصد فلكية وصخورا جرانيتية.

العلم والإيمان

يروى مصطفى محمود أنه عندما عرض على التلفزيون مشروع برنامج العلم والإيمان, وافق التلفزيون راصدًا 30 جنيه للحلقة !، وبذلك فشل المشروع منذ بدايته إلا أن أحد رجال الأعمال علم بالموضوع فأنتج البرنامج على نفقته الخاصة ليصبح من أشهر البرامج التلفزيونية وأوسعها انتشارا على الإطلاق، لا زال الجميع يذكرون سهرة الإثنين الساعة التاسعة ومقدمة الناى الحزينة في البرنامج وافتتاحية مصطفى محمود (أهلا بكم)! إلا أنه ككل الأشياء الجميلة كان لا بد من نهاية, للأسف هناك شخص ما أصدر قرارا برفع البرنامج من خريطة البرامج التليفزيونية!! وقال ابنه ادهم مصطفى محمود بعد ذلك أن القرار وقف البرنامج صدر من الرئاسة المصرية إلى وزير الإعلام آنذاك صفوت الشريف، بضغوط صهيونية.[2]

الأزمات

تعرض لأزمات فكرية كثيرة كان أولها عندما قدم للمحاكمة بسبب كتابه (الله والإنسان) وطلب عبد الناصر بنفسه تقديمه للمحاكمة بناء على طلب الأزهر باعتبارها قضية كفر!..إلا أن المحكمة اكتفت بمصادرة الكتاب, بعد ذلك أبلغه الرئيس السادات أنه معجب بالكتاب وقرر طبعه مرة أخرى!.
كان صديقا شخصيا للرئيس السادات ولم يحزن على أحد مثلما حزن على مصرعه يقول في ذلك "كيف لمسلمين أن يقتلوا رجلا رد مظالم كثيرة وأتى بالنصر وساعد الجماعات الإسلامية ومع ذلك قتلوه بأيديهم.. وعندما عرض السادات الوزارة عليه رفض قائلا: "أنا‏ ‏فشلت‏ ‏في‏ ‏إدارة‏ ‏أصغر‏ ‏مؤسسة‏ ‏وهي‏ الأسرة.. فأنا مطلق لمرتين.. فكيف بي أدير وزارة كاملة..!!؟؟ ". فرفض مصطفى محمود الوزارة كما سيفعل بعد ذلك جمال حمدان مفضلا التفرغ للبحث العلمي..

أزمة كتاب الشفاعة

نصل إلى الأزمة الشهيرة..أزمة كتاب الشفاعة, عندما قال إن الشفاعة الحقيقية غير التي يروج لها علماء الحديث..وقتها هوجم الرجل بألسنة حداد وصدر 14 كتابا للرد عليه على رأسها كتاب الدكتور محمد فؤاد شاكر أستاذ الشريعة الإسلامية.. كان ردا قاسيا للغاية دون أي مبرر.. واتهموه بأنه مجرد طبيب لا علاقة له بالعلم! [3]
لم يراعِ أحد شيبة الرجل ولا تاريخه العلمي والديني وإسهاماته في المجتمع وفي لحظة حولوه إلى مارق خارج عن القطيع، حاول أن ينتصر لفكره ويصمد أمام التيار الذي يريد رأسه، إلا أن كبر سنه وضعفه هزماه في النهاية. تقريبا لم يتعامل مع الموضوع بحيادية إلا فضيلة الدكتور نصر فريد واصل عندما قال: "الدكتور مصطفى محمود رجل علم وفضل ومشهود له بالفصاحة والفهم وسعة الإطلاع والغيرة على الإسلام فما أكثر المواقف التي أشهر قلمه فيها للدفاع عن الإسلام والمسلمين والذود عن حياض الدين وكم عمل على تنقية الشريعة الإسلاميّة من الشوائب التي علقت بها وشهدت له المحافل التي صال فيها وجال دفاعا عن الدين".
المثير للأسف أن الرجل لم ينكر الشفاعة أصلا!..رأيه يتلخص في أن الشفاعة مقيدة.. والأكثر إثارة للدهشة أنه اعتمد على آراء علماء كبار على رأسهم الإمام محمد عبده، لكنهم حمّلوه الخطيئة وحده.[بحاجة لمصدر]

اعتزاله

كانت محنة شديدة أدت به إلى أن يعتزل الكتابة إلا قليلا وينقطع عن الناس حتى أصابته جلطة مخيه عام 2003 ويعيش منعزلا وحيدا. وقد برع الدكتور مصطفى محمود في فنون عديدة منها الفكر والأدب، والفلسفة والتصوف، وأحيانا ما تثير أفكاره ومقالاته جدلا واسعا عبر الصحف ووسائل الإعلام. قال عنه الشاعر الراحل كامل الشناوي ”إذا كان مصطفى محمود قد ألحد فهو يلحد على سجادة الصلاة، كان يتصور أن العلم يمكن أن يجيب على كل شيء، وعندما خاب ظنه مع العلم أخذ يبحث في الأديان بدء بالديانات السماوية وانتهاء بالأديان الأرضية ولم يجد في النهاية سوى القرآن الكريم“.

تكريمه ثقافياً

بتاريخ الاثنين 2/6/2008 كتب الشاعر فيصل أكرم مقالاً في (الثقافية) - الإصدار الأسبوعي لصحيفة (الجزيرة) بعنوان (ذاكرة اسمها لغز الحياة.. ذاكرة اسمها مصطفى محمود) وطالب الصحيفة بإصدار ملف (خاص) عن مصطفى محمود - تكريماً له، وبالفعل.. في تاريخ الاثنين 7/7/2008 صدر العدد الخاص من (الجزيرة الثقافية) وكان من الغلاف إلى الغلاف عن مصطفى محمود، ضم الملف كتابات لثلاثين مثقفاً عربياً من محبي مصطفى محمود، ومن أبرزهم: د. غازي القصيبي، د. زغلول النجار، د. إبراهيم عوض، د. سيّار الجميل.. وغيرهم من الأدباء والمفكرين والأكاديميين، بالإضافة إلى الشاعر فيصل أكرم الذي قام بإعداد الملف كاملاً وتقديمه بصورة استثنائية. كما ضم العدد الخاص، صوراً خاصة وكلمة بخط يد مصطفى محمود وأخرى بخط ابنته أمل.
رابط العدد الخاص من (الجزيرة الثقافية):

وفاته

توفى الدكتور مصطفى محمود قي الساعة السابعة والنصف من صباح السبت 31 أكتوبر 2009 الموافق 12 ذو القعدة 1430 هـ، بعد رحلة علاج استمرت عدة شهور عن عمر ناهز 88 عاما، وقد تم تشييع الجنازة من مسجده بالمهندسين [4].

برامج تلفزيونية

برنامجه التلفزيوني الشهير العلم والإيمان الذي قدم فيه فيه حوالي 400 حلقة

احمد بن طولــون

 

  
من هو أحمد بن طولون؟
بدأ العرب يشترون العبيد ويدربونهم على القتال ةينشؤونهم نشأة دينية ومنهم الأتراك ومنهم أبو العباس كان أبوه طولون مولى (عبد وأسلم ) لـ نوح بن أسد الساماني , أمير بخارى .
وفى سنة 200 هـ  تفوق ابو العباس أبن طولون على أقرانه فى القتال فأهداه نوح مع العديد من المماليك إلى الخليفة المأمون  فجعله قائداً لحرسه الخاص حتى بلغ مصاف الأمراء .
وولد أحمد بن طولون في عاصمة بغداد الخلافة العباسية أيام حكم الخليفة المآمون فظل يترقى فى خدمة البلاط العباسى ودربه أبوه على القتال من صغره , وعنى بتربيته بطلب العلم وتأدب على مذهب من مذاهب الفقه هو مذهب أبي حنيفة  ،  وأظهر من النجابة والحكمة ما ميزه على أترابه .
وفى سنة 240هـ توفي أبوه في عهد الخليفة المتوكل , فقدمه الخليفة وولاه على الجيش فى منطقة الثغور (1)
 ذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثاني  ( 62 من 167 )  عن إتجاه الخلفاء العباسيين فى أستعمال المماليك فكتب يقول : " وقصد المعتصم ومن بعده من الخلفاء بذلك العمل مع الأتراك محاكاة ما فعله الرشيد بعبد الملك بن صالح والمأمون بطاهر بن الحسين ففعل المعتصم مثل ذلك بالأتراك فقلد أشناس وقلد الواثق إيتاخ وقلد المتوكل نقا ووصيف وقلد المهتدي ماجور وغير من ذكرنا من أعمال الأقليم ما قد تضمنته كتب التاريخ فتقلد باكباك مصر وطلب من يخلفه عليها وكان أحمد بن طولون قد مات أبوه في سنة أربعين ومائتين ولأحمد عشرون سنة منذ ولد من جارية كانت تدعى قاسم وكان مولده في سنة عشرين ومائتين وولدت أيضًا أخاه موسى وحبسية وسمانة وكان طولون من الطغرغر مما حمله نوح بن أسد عامل بخارى إلى المأمون فيما كان موظفًا عليه من المال والرقيق والبراذين وغير ذلك في كل سنة وذلك في سنة مائتين فنشأ أحمد بن طولون نشأ جميلًا غير نشء أولاد العجم فوصف بعلو الهمة وحسن الأدب والذهاب بنفسه عما كان يترامى إليه أهل طبقته وطلب الحديث وأحب الغزو وخرج إلى طرسوس مرات ولقي المحدثين وسمع منهم كتب العلم وصحب الزهاد وأهل الورع فتأدب بآدابهم وظهر فضله فاشتهر عند الأولياء وتميز على الأتراك وصار في عداد من يوثق به ويؤتمن على الأموال والأسرار فزوجه ماجور ابنته وهي أم ابنه العباس وابنته فاطمة‏.‏

بداية نجم أبن طولون فى الصعود
 
الخليفة المستعين يرسل إلى بلاد الروم ليصنعوا له أشياء نفيسة وينقذها أبن طولون من قطاع الطرق
 ذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثاني  ( 62 من 167 ) : " ثم إنه سأل الوزير عبيد الله بن يحيى أن يكتب له برزقه على الثغر فأجابه وخرج إلى طرسوس فأقام بها وشق على أمه مفارقته فكاتبته بما أقلقه فلما قفل الناس إلى سر من رأى سار معهم إلى لقاء أمه وكان في القافلة نحو خمسمائة رجل والخليفة إذ ذاك‏:‏ المستعين بالله أحمد بن المعتصم وكان قد أنفذ خادمًا إلى بلاد الروم لعمل أشياء نفيسة فلما عاد بها وهي‏:‏ وقر بغل إلى طرسوس خرج مع القافلة وكان من رسم الغزاة أن يسيروا متفرقين فطرق الأعراب بعض سوادهم وجاء الصائح‏:‏ فبدر أحمد بن طولون لقتالهم وتبعوه فوضع السيف في الأعراب ورمى بنفسه فيهم حتى استنفذ منهم جميع ما أخذوه وفروا منه وكان من جملة ما استنفذ من الأعراب البغل المحمل بمتاع الخليفة فعظم أحمد بما فعل عند الخادم وكبر في أعين القافلة فلما وصلوا إلى العراق وشاهد المستعين ما أحضره الحادم أعجب به وعرفه الخادم خروج الأعراب وأخذهم البغل بما عليه وما كان من صنع أحمد بن طولون فأمر له بألف دينار وسلم عليه مع الخادم وأمره أن يعرفه به إذا دخل مع المسلمين ففعل ذلك وتوالت عليه صلاة الخليفة حتى حسنت حاله ووهبه جارية اسمها‏:‏ مياس استولدها ابنه خمارويه في النصف من المحرم سنة خمسين ومائتين فلما خلع المستعين وبويع المعتز أخرج المستعين إلى واسط واختار الأتراك أحمد بن طولون أن يكون معه فسلم إليه ومضى به فأحسن عشرته وأطلق له التنزه والصيد وخشي أن يلحقه منه احتشام فألزمه كاتبه أحمد بن محمد الواسطي وهو إذ ذاك غلام حسن الشاهد حاضر النادرة فأنس به المستعين‏
رفض أبن طولون قتل الخليفة المستعين
  ذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثاني  ( 63 من 167 ) : " ثم إن فتيحة أم المعتز كتبت إلى أحمد بن طولون بقتل المستعين وقلدته واسط فامتنع من ذلك وكتب إلى الأتراك يخبرهم بأنه لا يقتل خليفة له في رقبته بيعة فزاد محله عند الأتراك بذلك ووجهوا سعيد الحاجب وكتبوا إلى ابن طولون بتسليم المستعين له فتسلمه منه وقتله وواراه ابن طولون وعاد إلى سر من رأى وقد تقلد باكباك مصر وطلب من يوجهه إليها فذكر له أحمد بن طولون فقلده خلافته وضم إليه جيشًا وسار إلى مصر فدخلها يوم الأربعاء لسبع بقين من شهر رمضان سنة أربع وخمسين ومائتين متقلدًا للقصبة دون غيرها من الأعمال الخارجة عنها كالإسكندرية ونحوها ودخل معه أحمد بن محمد الواسطي وجلس الناس لرؤيته فسأل بعضهم غلام أبي قبيل‏:‏ صاحب الملاحم وكان مكفوفًا عما يجده في كتبهم فقال‏:‏ هذا رجل نجد صفته كذا وكذا وأنه يتقلد الملك هو وولده قريبًا من أربعين سنة فما تم كلامه حتى أقبل أحمد بن طولون وإذا هو على النعت الذي قال‏.
كيف تولى أحمد أبن طولون حكم مصر ؟
وفي سنة 254هـ قلد الخليفة المعتز بإعطاء القائد (بايكباك) ولاية مصر, وبالرغم من بايكباك أصبح واليا على مصر إلا أنه لم يمارس وظيفته كوالى ولكنه أناب عنه أحمد بن طولون فى ولايتها فقدم إليها سنة 254 هجرية = 868م  وكان بايكباك قد تزوج والدة أحمد ابن طولون بعد وفاة أبيه .
وفي سنة 256هـ حدثت ثورة فى بغداد وقتل (بايكباك) فيها وأنتهت الثورة بخلع الخليفة المهتدي وقتله, وكان من حظه أن وهبت ولاية مصر إلى حميه للقائد الأمير ماجور(بارجوخ) بعد وفاة باكباك فأقره على ولايتها ولما أعطيت ولاية مصر للقائد ألأمير فترك أحمد بن طولون على ولاية مصر . لأن أحمد كان قد تزوج ابنته . .
وعندما مات (بارجوخ) عين الخليفة المعتمد ابن طولون واليا على مصر .
وقام ابن طولون بالإستيلاء على الشام وكان أميرها (أماجور التركي) توفى وحارب البيزنطيين في طرسوس وهزمهم واستعاد منهم أسرى المسلمين , وأصبحت أملاكه تمتد من طرسوس حتى نهر الفرات وبهذه الإنتصارات ملك ابن طولون مصر والشام والجزيرة والثغور ووافق الخليفة المعتمد على حكمه لهذه المناطق .
وأنتصر أحمد ابن طولون على دسائس الموفق بالله العباسي , أخو الخليفة المعتمد , الذي أراد عزله عن ولاية مصر.
وأنتصر أحمد ابن طولون على خروج ابنه العباس عليه وهو في الشام
وكانت ولاية أحمد بن طولون على مصر أول الأمر قاصرة على الفسطاط أما أمر الخراج فكان موكولا إلى ابن المدير فما زال بحسن سياسته يوسع فى نفوذه حتى شمل سلطانه مصر جميعها وتولى أمر الخراج وامتد نفوذه إلى الشام وبرقة وأسس الدولة الطولونية الشبه مستقلة التى حكمت مصر وفترة ولايته تتمثل فيها النقلة التى انتقلتها مصر من ولاية تابعة للخلافة العباسية إلى دولة ذات استقلال ذاتى من سنة 254 إلى 292 هجرية = 868 إلى 905م وتوفى سنة 270 هجرية = 884م
بداية خلاف أبن طولون مع المدبر آخر والى عربى قرشى حكم مصر
كان على الخراج أحمد بن محمد بن المدبر وهو من دهاة الناس وشياطين الكتاب فأهدى إلى أحمد بن طولون هدايا قيمتها عشرة آلاف دينار بعدما خرج إلى لقائه هو وشقير الخادم غلام فتيحة أم المعتز وهو يتقلد البريد فرأى ابن طولون بين يدي ابن المدبر مائة غلام من الغور قد انتخبهم وصيرهم عدة وجمالًا وكان لهم خلق حسن وطول أجسام وبأس شديد وعليهم أقبية ومناطق تقال عراض وبأيديهم مقارع غلاظ على طرف كل مقرعة مقمعة من فضة وكانوا يقفون بين يديه في حافتي مجلسه إذا جلس فإذا ركب ركبوا بين يديه فيصير له بهم هيبة عظيمة في صدور الناس فلما بعث ابن المدبر بهديته إلى ابن طولون ردها عليه فقال ابن المدبر‏:‏ إن هذه لهمة عظيمة من كانت هذه همته لا يؤمن على طرف من الأطراف فخافه وكره مقامه بمصر معه وسار إلى شقير الخادم صاحب البريد واتفقا على مكاتبة الخليفة بإزالة ابن طولون فلم يكن غير أيام حتى بعث ابن طولون إلى ابن المدبر يقول له‏:‏ قد كنت أعزك الله أهديت لنا هدية وقع الغنى عنها ولم يجز أن يغتنم مالك كثره الله فرددتها توفيرًا عليك ونحب أن تجعل العوض منها الغلمان الذين رأيتهم بين يديك فأنا إليهم أحوج منك فقال ابن المدبر‏:‏ لما بلغته الرسالة هذه أخرى أعظم مما تقدم قد ظهرت من هذا الرجل إذ كان يرد الأعراض والأموال ويستهدي الرجال ويثابر عليهم ولم يجد بدًا من أن بعثهم إليه فتحولت هيبة ابن المدبر إلى ابن طولون ونقصت مهابة ابن المدبر بمفارقة الغلمان مجلسه‏.‏
أبن المدبر يحاول التخلص من أبن طولون
حاول أبن المدبر التخلص من أبن طولون ولكن لا تأتى الرياح بما تشتهى السفن فيذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثاني  ( 63 من 167 ) : " فكتب ابن المدبر فيه إلى الحضرة يغري به ويحرض على عزله فبلغ ذلك ابن طولون فكتم في نفسه ولم يبده واتفق موت المعتز في رجب سنة خمس وخمسين وقيام المهتدي بالله محمد بن الواثق وقتل باكباك ورد جميع ما كان بيده إلى ماجور التركي حموا بن طولون فكتب إليه‏:‏ تسلم من نفسك لنفسك وزارده الأعمال الخارجة عن قصبة مصر وكتب إلى إسحاق بن دينار وهو يتقلد الإسكندرية أن يسلمها لأحمد بن طولون فعظمت لذلك منزلته وكثر قلق ابن المدبر وغمه ودعته ضرورة الخوف من ابن طولون إلى ملاطفته والتقرب من خاطره وخرج ابن طولون إلى الإسكندرية وتسلمها من إسحاق بن دينار وأقره عليها وكان أحمد بن عيسى بن شيخ الشيباني يتقلد جندي فلسطين والأردن فلما مات وثب ابنه على الأعمال واستبد بها فبعث ابن المدبر سبعمائة ألف وخمسين ألف دينار حملًا من مال مصر إلى بغداد فقبض ابن شيخ عليها وفرقها في أصحابه وكانت الأمور قد اضطربت ببغداد فطمع ابن شيخ في التغلب على الشامات وأشيع أنه يريد مصر فلما قتل المهتدي في رجب سنة ست وخمسين وبويع المعتمد بالله أحمد بن المتوكل لم يدع ابن شيخ له ولا بايع هو ولا أصحابه فبعث إليه بتقليد أرمينية زيادة على ما معه من بلاد الشام وفسح له في الاستخلاف عليها والإقامة على عمله فدعا حينئذ للمعتمد وكتب إلى ابن طولون أن يأهب لحرب ابن شيخ وأن يزيد في عدته وكتب لابن المدبر أن يطلق له المال ما يريد فعرض ابن طولون الرجال وأثبت من يصلح واشترى العبيد من الروم والسودان وعمل سائر ما يحتاج إليه وخرج في تجمل كبير وجيش عظيم وبعث إلى ابن شيخ يدعوه إلى طاعة الخليفة ورد ما أخذ من المال فأجاب بجواب قبيح فسار لست خلون من جمادى الآخرة واستخلف أخاه موسى بن طولون على مصر ثم رجع من الطريق بكتاب ورد عليه م العراق ودخل الفسطاط في شعبان‏.‏
أبن طولون من أكبر الولاة أو الحكام الذين حكموا مصر ونبشوا قبور فراعنة مصر
وقال المقريزى فى الخطط (1) : " وفى زمن أحمد أبن طولون فى سنة 332 هـ لهم اخبار عجيبة فيما أستخرج فى أيامهم من المدافن والأموال والجواهر وما أصيب فى هذه المطالب (الكنوز) من القبور , وركب (حصانه) أبن طولون يوماً إلى الأهرام فأتاه الحجاب (رئيس) يقوم عليهم يقوم عليهم ثياب صوف ومعهم المساح والمعاول فسألهم عما يعملون فقالوا : " نحن قوم نطلب المطالب (ينبشوا القبور) " فقال لهم لا تخرجوا شيئاً إلا بمشورتى أو رجل من قبلى , وأخبروه أن فى سمت الأهرام مطلبا (كنزا) قد عجزوا عنه فضم إليهم الرافقى وتقدم إلى عامل (والى) الجيزة فى أعانتهم بالرجال والنفقات وأنصرف , فأقاموا مدة يعملون حتى ظهر لهم فركب أحمد أبن طولون إليهم وهم يحفرون فكشفوا عن حوض مملؤ دنانير وعليه غطاء مكتوب عليه بالبربطية فأحضر من قراه فإذا فيه : أنا فلان بن فلان الملك الذى ميز الذهب من غشه ورخصه فمن أراد أن يعلم فضل ملكى على ملكه فلبنظر إلى فضل (وزن) عيار دينارى على عيار ديناره فإن مخلص الذهب من الغش مخلص من حياته وبعد وفاته , فقال أحمد أبن طولون : الحمد لله أن ما نهيتنى عليه هذه الكتابة أحب إلى من المال ثم امر لكل من القوم المطالبية بمائتى دينار منه ولكل من الصناع خمسة دنانير بعد أعطاءه أجره عمله وللرافقى بثلثمائة دينار ولنسيم الخادم بألف دينار وحمل باقى الدنانير فوجدها أجود من كل عيار وشدد من حينئذ فى العيار بمصر حتى صار عيار ديناره الذى عرف بالأحمدى أجود عيار وكان لا يطلى إلا به .
أبن طولون يحرث قبور اليهود والنصارى ليبنى مدينة القطائع
يذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثاني  ( 63 من 167 ) : " وقدم من العراق‏:‏ ماجور التركي لمحاربة ابن شيخ فقيه أصحاب ابن شيخ وعليهم ابنه فانهزموا منه وقتل الابن واستولى ماجور على دمشق ولحق ابن شيخ بنواحي أرمينية وتقلد ماجور أعمال الشام كله وصار أحمد بن طولون من كثرة العبيد والرجال والآلات بحال يضيق به داره ولا يتسع له فركب إلى سفح الجبل في شعبان وأمر بحرث قبور اليهود والنصارة واختط موضعها فبنى القصر والميدان وتقدم إلى أصحابه وغلمانه وأتباعه أن يختطوا لأنفسهم حوله فاختطوا وبنوا حتى اتصل البناء لعمارة الفسطاط ثم قطعت القطائع وسميت كل قطيعة باسم من سكنها فكانت للنوبة قطيعة مفردة تعرف بهم وللروم قطيعة مفردة تعرف بهم وللفراشين قطيعة مفردة تعرف بهم ولكل صنف من الغلمان قطيعة مفردة تعرف بهم‏.‏

وبنى القواد مواضع متفرقة فعمرت القطائع عمارة حسنة وتفرقت فيها السكك والأزقة وبنيت فيها المساجد الحسان والطواحين والحمامات والأفران وسميت أسواقها وفقيل‏:‏ سوق العيارين وكان يجمع العطارين والبزازين وسوق الفاميين ويجمع الجزارين والبقالين والشوايين فكان في دكاكين الفاميين جميع ما في دكاكين نظرائهم في المدينة‏
نمو قوة أبن طولون ووشاية أبن المدبر مرة أخرى - القبض على أبن المدبر
يذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثاني  ( 63 من 167 ) : "وكان الطريق الذي يخرج منه ابن طولون وهو الذي يعرج منه إلى القصر طريقًا واسعًا فقطعه بحائط وعمل فيه ثلاثة أبواب كأكبر ما يكون من الأبواب وكانت متصلة بعضها ببعض واحدًا بجانب الآخر‏.‏
وكان ابن طولون إذا ركب يخرج معه عسكر متكاثف الخروج على ترتيب حسن بغير زحمة ثم يخرج ابن طولون من الباب الأوسط من الأبواب الثلاثة بمفرده من غير أن يختلط به أحد من الناس وكانت الأبواب المذكورة تفتح كلها في يوم العيد أو يوم عرض الجيش أو يوم صدقة وما عدا هذه الأيام لا تفتح إلا بترتيب في أوقات معروفة وكان القصر له مجلس يشرف منه ابن طولون يوم العرض ويوم الصدقة لينظر من أعلاه من يدخل ويخرج وكان الناس يدخلون من باب الصوالجة ويخرجون من باب السباع وكان على باب السباع مجلس يشرف منه ابن طولون ليلة العيد على القطائع ليرى حركات الغلمان وتأهبهم وتصرفهم في حوائجهم فإذا رأى في حال أحد منهم نقصًا أو خللًا أمر له بما يتسع به ويزيد في تجمله وكان يشرف منه أيضًا على البحر وعلى باب مدينة الفسطاط وما يلي ذلك‏.‏

فكان منتزهًا حسنًا وبنى الجامع فعرف بالجامع الجديد بنى العين والسقاية بالمغافر وبنى تنور فرعون فوق الجبل واتسعت أحواله وكثرت اصطبلاته وكراعه وعظم صيته فخافه ماجور وكتب إلى الحضرة يغري به وكتب فيه ابن المدبر وشقير الخادم وكانت لابن طولون أعين وأصحاب أخبار يطالعونه بسائر ما يحدث فلما بلغه ذلك تلطف أصحاب الأخبار له ببغداد عند الوزير حتى سير إلى ابن طولون بكتب ابن المدبر وكتب شقير من غير أن يعلما بذلك فإذا فيها‏:‏ أن أحمد بن طولون عزم على التغلب على مصر والعصيان بها فكتم خبر الكتب وما زال بشقير حتى مات وكتب إلى الحضرة يسأل صرف ابن المدبر عن الخراج وتقليد هلال فأجيب إلى ذلك وقبض على ابن المدبر وحبسه‏.‏
المقريزى المؤرخ يذكر عثور أبن طولون على كنز
يذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثاني  ( 63 من 167 ) : "وكانت لأبن طولون مع أبن المدبر أمور آلت إلى خروج ابن المدبر عن تقلده منصب خراج مصر وتقلد ابن طولون خراج مصر مع المعونة والثغور الشامية فأسقط المعاون والمرافق وكانت بمصر خاصة في كل سنة مائة ألف دينار فأظفره الله عقيب ذلك بكنز فيه ألف ألف دينار‏:‏ بنى منه المارستان وخرج إلى الشام وقد تقلدها فتسلم دمشق وحمص ونازل أنطاكية حتى أخذها وكانت صدقاته على أهل المسكنة والستر وعلى الضعفاء والفقراء وأهل التجمل متواترة وكان راتبه لذلك في كل شهر ألفي دينار سوى ما يطرأ عليه من النذور وصدقات الشكر على تجديد النعم وسوى مطابخه التي أقيمت في كل يوم للصدقات في داره وغيرها يذبح فيها البقر والكباش ويغرف للناس في القدور والفخار والقصاع على كل قدر أو قصعة لكل مسكين أربعة أرغفة في اثنين منها فالوذج و الاثنان الآخران على القدر وكانت تعمل في داره وينادي من أحب أن يحضر دار الأمير فليحضر وتفتح الأبواب ويدخل الناس الميدان وابن طولون في المجلس الذي تقدم ذكره ينظر إلى المساكين ويتأمل فرحهم بما يأكلون ويحملون فيسره ذلك ويحمد الله على نعمته‏"
جـــــــامع أبن طولون
في القرن الثالث الهجري شيّد أحمد بن طولون جامعه وبه المئذنة الملوية ‏بناه أحمد بن طولون سنة (263هـ - 876م) وانتهى منه (265هـ - 878م) ويقع في مصر في ميدان أحمد بن طولون بحي السيدة زينب جنوب القاهرة (موقع مدينة القطائع).  وتعد مأزنته من أقدم المآذن بمصر، وهي على غرار مئذنة جامع سامراء بالعراق.
حيث تتكون مئذنة جامع أحمد بن طولون من قاعدة مكعبة يعلوها جزء أسطواني له سلم خارجي ملوي حيث كانت المآذن فى بداية عهدها فتعتبر ثانى أقدم مآذن فى تاريخ الإسلام ، في أعلاه مثمنات لها سلالم داخلية تنتهي بصفوف من المقرضات، وتنتهي قمتها بطاقية مضلعة.
. بعد أن أتم أحمد بن طولون بناء قصره عند سفح المقطم وأنشأ الميدان أمامه وبعد أن فرغ من تأسيس مدينة القطائع شيد جامعه الكبيرعلى جبل يشكر فشرع فى بنائه سنة 263 هجرية = 876/ 77م وأتمه سنة 265 هجرية = 879م ووجد هذا التاريخ مدون هذا التاريخ على لوح رخامى مثبت على أحد أكتاف رواق القبلة .
ويعتبر جامع أبن طولون ثالث الجوامع التى أنشئت بمصر كما يعتبر أيضاً من أقدم جامع احتفظ بتخطيطه وكثير من تفاصيله العمارية الأصلية ، وأول جامع أنشئ فى مصر هو جامع عمرو بن العاص  الذى بنى سنة 21 هجرية = 642م لم يبق أثر من بنائه القديم , و ثاني جامع هو جامع العسكر الذى بنى فى سنة 169 هجرية = 785/ 86م قد زال بزوال العسكر .
القبطى الذى بنى جامع أبن طولون
وقال جامع السيرة الطولونية‏:‏ وأما رغبته في أبواب الخير فكانت ظاهرة بينة واضحة فمن ذلك بناء الجامع والبيمارستان ثم العين التي بناها بالمغافر وبناها بُنْيَةً صحيحة ورغبة قوية حتى أنها ليس لها نظير ولهذا اجتهد المادرانيون وأنفقوا الأموال الخطيرة ليحكوها فأعجزهم ذلك لأنها وقعت في موضع جيرانه كلهم محتاجون إليها وهي مفتوحة طول النهار لمن كشف وجهه للأخذ منها ولمن كان له غلام أو جارية والليل للفقراء والمساكين فهي حياة ومعونة‏.‏
واتخذ لها مستغلًا فيه فضل وكفاية لمصالحها والذي تولى لأحمد بن طولون بناء هذه العين رجل نصرانيّ حسن الهندسة حاذق بها وإنه دخل إلى أحمد بن طولون في عشية من العشايا فقال له‏:‏ إذا فرغت مما تحتاج إليه فأعلمني لنركب إليها فنراها فقال‏:‏ يركب الأمير إليها في غد فقد فرغت وتقدّم النصرانيّ فرأى موضعًا بها يحتاج إلى قصرية جير وأربع طوبات فبادر إلى عمل ذلك وأقبل أحمد بن طولون يتأمل العين فاستحسن جميع ما شاهده فيها ثم أقبل إلى الموضع الذي فيه قصرية الجير فوقف بالاتفاق عليها فلرطوبة الجير غاصت يد الفرس فيه فكبا بأحمد ولسوء ظنه قدر أن ذلك لمكروه أراده به النصراني فأمر به فشق عنه ما عليه من الثياب وضربه خمسمائة سوط وأمر به إلى المطبق وكان المسكين يتوقع من الجائزة مثل ذلك دنانير فاتفق له اتفاق سوء‏.‏
وانصرف أحمد بن طولون وأقام النصرانيّ إلى أن أراد أحمد بن طولون بناء الجامع فقدّر له ثلاثمائة عمود فقيل له ما تجدها أو تنفذ إلى الكنائس في الأرياف والضياع الخراب فتحمل ذلك‏.‏
فأنكره ولم يختره وتعذب قلبه بالفكر في أمره وبلغ النصرانيّ وهو في المطبق الخبر فكتب إليه‏:‏ أنا أبنيه لك كما تُحب وتختار بلا عمد إلاّ عمودي القبلة فأحضره وقد طال شعره حتى تدلى على وجهه فبناه‏.‏
قال‏:‏ ولما بنى أحمد بن طولون هذه السقاية بلغه أن قومًا لا يستحلون شرب مائها قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم الفقيه‏:‏ كنت ليلةَ في داري إذ طُرِقَتْ بخادم من خدّام أحمد بن طولون فقال لي‏:‏ الأمير يدعوك فركبت مذعورًا مرعوبًا فعدل بي عن الطريق فقلت‏:‏ أين تذهب بي فقال‏:‏ إلى الصحراء والأمير فيها‏.‏
فأيقنت بالهلاك وقلت للخادم‏:‏ الله اللّه فيّ فإني شيخ كبير ضعيف مسنّ فتدري ما يُراد مني فارحمني‏.‏
فقال لي‏:‏ احذر أن يكون لك في السقاية قول‏.‏
وسرت معه وإذا بالمشاعل في الصحراء وأحمد بن طولون راكب على باب السقاية وبين يديه الشمع فنزلت وسلمت عليه فلم يردّ عليّ فقلت‏:‏ أيّها الأمير إنّ الرسول أعنتني وكدني وقد عطشت فيأذن لي الأمير في الشرب فأراد الغلمان أن يسقوني فقلت‏:‏ أنا آخذ لنفسي فاستقيت وهو يراني وشربت وازددت في الشرب حتى كدت أنشق ثم قلت‏:‏ أيها الأمير سقاك الله من أنهار الجنة فلقد أرويت وأغنيت ولا أدري ما أصف أطيب الماء في حلاوته وبرده أم صفاءه أم طيب ريح السقاية قال‏:‏ فنظر إليّ وقال‏:‏ أريدك لأمر وليس هذا وقته فاصرفوه‏.‏ فصُرِفتُ‏.‏ فقال لي الخادم‏:‏ أصبت‏.‏
فقلت‏:‏ أحسن اللّه جزاءك فلولاك لهلكت‏.‏
وكان مبلغ النفقة على هذه العين في بنائها ومستغلها أربعين ألف دينار وأنشد أبو عمرو الكنديّ في كتاب الأمراء لسعيد القاص أبياتًا في رثاء دولة بني طولون منها في العين والسقاية‏:‏ وعينُ معينِ الشُربِ عينٌ زكيةٌ وعينُ أجاجٍ للرّواةِ وللطُهْرِ كأنّ وفودُ النيل في جنباتِها تروحُ وتغدو بينَ مد إلى جزرِ فأرك بها مستنبطًا لمعينها من الأرضِ من بطنٍ عميق إلى ظهرِ يمرُّ على أرضِ المغافِرِ كلها وشعبانُ والأحمورُ والحيّ من بشرِ قبائلُ لا نوءُ السحابِ يمدُّها ولا النيلُ يرويها ولا جدولٌ يجري وقال الشريف محمد بن أسعد الجوّانيّ النسابة في كتاب الجوهر المكنون في ذكر القبائل والبطون‏:‏ سريع فخذ من الأشعريين هم ولد سريع بن ماتع من بني الأشعر بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان وهم رهط أبي قبيل التابعيّ الذي خطف اليوم الكوم شرقيّ قناطر سقاية أحمد بن طولون المعروفة بعفصة الكبيرة بالقرافة‏.‏
بدر الجمالى وإصلاح جامع أبن طولون
. ففى سنة 470 هجرية = 1077/ 78م قام بدر الجمالى وزير الخليفة المستنصر الفاطمى بإصلاحات فى الجامع وجدت مثبته على لوح رخامى مركب أعلى أحد أبواب الوجهة البحرية وحسب أمر الخليفة المستنصر صنع محراب من الجص بأحد أكتاف رواق القبلة  هذا بالإضافة إلىا محرابين جصيين آخرين صنع أحدهما فى العصر الطولونى مع بناء الجامع والثانى فى العصر الفاطمى وكلاهما برواق القبلة
 السلطان حسام الدين لاجين وإصلاح جامع أبن طولون
أقام السلطان حسام الدين لاجين سنة 696 هجرية = 1296/ 97م بعدة إصلاحات هامة هى : -
1 - القبة المقامة وسط الصحن والتى حلت محل القبة التى شيدها الخليفة الفاطمى العزيز بالله سنة 385 هجرية = 995م وكانت القبة الأصلية قد احترقت سنة 376 هجرية = 986م
 2 - ترميم المئذنة الحالية ذات السلم الخارجى
 3 - المنبر الخشبى
 4 - كسوة الفسيفساء والرخام للمحراب الكبير قاعدة القبة التى تعلو هذا المحراب محرابا من الجص مشابها للمحراب المستنصرى بالكتف المجاورة له
 5 - صناعة كثيرا من الشبابيك الجصية 
6 - إقامة سبيلا بالزيادة القبلية ثم قام بتجديده قايتباى فيما بعد ثم قامت بترميمه  إدارة حفظ الآثار العربية أخيرا.
إستعمال الجامع كمصنع للأحزمة الصوفية
وفى أواخر القرن الثانى عشر الهجرى - الثامن عشر الميلادى - أستعمل الجامع كله أو جزء منه مصنعا للأحزمة الصوفية وفى منتصف القرن الماضى ملجأ للعجزة.
الملك فؤاد الأول وإصلاح جامع أبن طولون
وقامت حفظ الآثار العربية سنة 1882م بترميمه وإصلاحه فى سنة 1918م بأمر الملك فؤاد الأول بإعداد مشروع لإصلاحه إصلاحا شاملا وتخلية ما حوله من الأبنية ورصد لذلك أربعون ألف جنيه أنفقت فى تقويم ما تداعى من بنائه وتجديد أسقفه وترميم بياضه وزخارفه.
تركيب الجـــــــامع
يتكون جامع أبن طولون ويبلغ طول الجامع 138 مترا وعرضه 118 مترا تقريبا يحيط به من ثلاثة جهات - البحرية والغربية والقبلية - ثلاث زيادات عرض كل منها 19 متراويكون الجامع مع هذه الزيادات مربعا طول ضلعه 162 متر على وجه التقريب من صحن مكشوف مربع طول ضلعه 92 مترا يتوسطه قبة محمولة على رقبة مثمنة ترتكز على قاعدة مربعة بها أربع فتحات معقودة وبوسطها حوض للوضوء ويوجد سلم داخل سمك حائطها البحرية يصعد منه إلى منسوب الرقبة, . ويحيط بالصحن أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة ويشتمل على خمسة صفوف من العقود المدببة المحمولة على أكتاف مستطيلة القطاع استديرت أركانها على شكل أعمدة ملتصقة ويشمل كل من الأروقة الثلاثة الأخرى على صفين فقط. ويغطى الأروقة الأربعة سقف من الخشب حديث الصنع وبأسفلة ركب الإزار الخشب القديم المكتوب عليه من سور القرآن الكريم بالخط الكوفى المكبر. الصورة المقابلة بواكى جامع أبن طولون  
ويتوسط الزيادة الغربية الفريدة فى نوعها والتى لا توجد مثيلة لها فى مآذن القاهرة وأغلب الظن أنها اقتبست سلمها الخارجى من المنارة الأصلية للجامع وبنيت على نمط مئذنة سامرا وهى بنيت مربعة من أسفل ثم أسطوانية وتنتهى مثمنة تعلوها قبة ويبلغ ارتفاعها أربعين مترا.
وشبابيك جامع أبن طولون جصية مفرغة متنوعة الأشكال ومختلفة العهود بين كل منها تجويفة مخوصة , أما الوجهات تنتهى أسوار الزيادات بشرفات مفرغة
ويقابل كل باب من أبواب الجامع بابا فى سور الزيادة ذلك عدا بابا صغيرا فتح فى جدار القبلة كان يؤدى إلى دار الإمارة التى أنشأها أحمد بن طولون شرق الجامع. ويتوسط جدار القبلة المحراب الكبير الذى لم يبقى من معالمه الأصلية سوى تجويفه والأعمدة الرخامية التى تكتنفه وأعلى الجزء الواقع أمام المحراب قبة صغيرة من الخشب بدائرها شبابيك جصية مفرغة محلاة بالزجاج الملون وبجانب المحراب منبر عمله السلطان لاجين أيضا وحل محل المنبر الأصلى وهو مصنوع من الخشب المجمع على هيئة أشكال هندسية تحصر بينها حشوات محلاة بزخارف دقيقة بارزة وهذا المنبر والتجديد تم فى حشوه فقط لهذا يعتبر من حيث القدم ثالث وأجمل المنابر القائمة بمصر:
المنابر القديمة الجميلة فى مصر
المنبر الأول : منبر المسجد الموجود بدير القديسة كاترين بسينا والذى أمر بصناعته الأفضل شاهنشاه فى أيام الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله سنة 500 هجرية = 1106م
المنبر الثانى :  منبر المسجد العتيق بقوص الذى أمر بصناعته الصالح طلائع فى سنة 550 هجرية = 1155م. .
 
ثورة أبن الصوفى فى صعيــد مصر
وأنتصر أحمد أبن طولون على ثورة أبن الصوفى ( إبراهيم بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ابن أبي طالب )  وفي عام 253هـ ثار أبن الصوفى في الصعيد على أمير مصر مزاحم ابن خاقان واحتل (أسنا) ونهبها وقتل أهلها من أقباط واخذ نساؤها سريا وعبيد . ولما تولى أحمد بن طولون إمارة مصر سنة 254هـ وقام ابن طولون بإرسال جيشا لحربه فإنهزم من ابن الصوفي وقتل قائد جيش أبن طولون , واستمر القتال بينهما فترة من الزمن وأخيرا أنفض جيش الصوفى فركب البحر إلى مكة وسكن فيها حتى قبض عليه وأرسل إلى ابن طولون فى مصر فقام بسجنه ثم أطلقه, فذهب ابن الصوفى إلى المدينة ومات فيها .
يذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثاني  ( 63 من 167 ) : " وخرج ابن الصوفي العلوي وهو إبراهيم بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ودخل إسنا في ذي القعدة فنهب وقتل فبعث إليه ابن طولون جيشًا فهزم الجيش في ربيع الأول سنة ست وخمسين فبعث بجيش آخر فواقعه بإخميم في ربيع الآخر فانهزم ابن الصوفي إلى الواح فأقام به
ثورة أهــل برقة على أحمد بن طولون 
وفى سنة 261 هـ: ثار أهل برقة على أحمد بن طولون برقة على شكل شبه جزيرة يشتمل على مدن وقرى .  وهذه المنطقة تقع الآن في شرق الدولة الليبية على ساحل البحر المتوسط وكان أكبر مدنه مدينة برقة التي أطلق اسمها على الإقليم نفسه وأطلق عليه اسم  cyrenaica
وخرج أحمد بن طولون يريد حرب عيسى بن الشيخ ثم عاد فابتدأ في أبناء الميدان
يذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثاني  ( 64 من 167 ) : " سنة سبع وخمسين وورد كتاب ماجور بتسلم أحمد بن طولون الأعمال الخارجة عن يده من أرض مصر فتسلم الإسكندرية وخرج إليها لثمان خلون من شهر رمضان واستخلف طفج صاحب الشرط ثم قدم لأربع عشرة بقيت من شوال وسخط على أخيه موسى وأمره بلباس البياض‏